هي الأفلاكُ لا شمُّ القبابِ ولا كالفلكِ تجري في العُبَابِ
تدورُ بما تدورُ ونحنُ منها مكانَ الظلِّ من فوقِ الترابِ
ولو انَّ الورى كانوا عليها لباتتْ كالسفينةِ في الضبابِ
ولو أنَّ الملائكَ عاشرتهْ لكنتَ ترى الحمامةَ كالغرابِ
ضعيفٌ وهو أقوى من عليها قويٌّ وهو أضعفُ من ذبابِ
وليسَ الناسُ أجساماً تراأى ولكن كلُّ نصلٍ في قرابِ
تفاوتتِ النفوسُ فربَّ نفسٍ على فلكٍ ونفسٍ في ثيابِ
فلا عجباً إذا الإنسانُ أمسى لدى الإنسانِ كالشيءِ العُجابِ
فَذُو المالِ اسْتَبَدَّ بكلِّ نفسٍ وذو الهلمِ استخفَّ وذو الكتابِ
لدُنْ ركبوا سفينَ الدهرِ ظنواً بني الدنيا متاعاً للركابِ
وليسَ المالُ غيرَ العينِ أما غدتْ سودُ الحوادثِ كالنقابِ
فلا يفخرْ بصيرٌ عندَ أعمى فما غيرُ المصابِ سوى المصابِ
سلوا من ظنَّ أمرَ المالِ سهلاً أكانَ السهلُ إلا بالصعابِ
لعمركُ إنما الذهبُ المفدَّى نفوسٌ لم تعدْ بعدَ الذهابِ
همُ اكتسبوا لغيرهمُ فأمسى عليمُ الاكتسابُ بالاكتئابِ
وصيغَ شبابهم ذهباً أليستْ على الدينارِ زخرفةُ الشبابِ
يمنونَ السعادةَ وهيَ منهمْ منالَ الماءِ في بحرِ السرابِ
وإنَّ خزانةَ الآمالِ ملأى لمن تلقاهُ مهزولَ الجرابِ
ومن يغترَّ بالأقوى يجدهُ كنصلِ السيفِ يغمدُ في الرقابِ
متى صاحَ الدجاجُ بثُعلُبانٍ فليسَ سواهُ من داعٍ مجابِ
يظنُّ الأغنياءُ الفقرَ ضعفاً وكم من حيةٍ تحتَ الخرابِ
ولا يخشونَ ممن جاعَ بأساً وليسَ أضرَّ من جوعِ الذئابِ
ألم تكنِ السفينةُ من حديدٍ فما للماءِ يخرقها بنابِ
إذا شحتْ على الأمواجِ تعلو فما بعدَ العلوِّ سوى انقلابِ
أما للعلمِ سلطانٌ على من يرى أنَّ الفضائلَ في الخلابِ
وما ذو العلمِ بينَ الناسِ إلا كَمَنْ كَبَحَ البهيمةَ لاحتلابِ
يظلُّ بها يمارسُها شقياً وحالبُها يمتَّعُ بالوطابِ
وكم بينَ الطروبِ وذي شجونٍ إذا أبصرتُ كلاً في اضطرابِ
أرى العلماءَ إذ يشقونَ فينا نعيماً كامناً تحتَ العذابِ
كقطعةِ سكرٍ في كأسِ بنٍ تذوبُ ليغتدي حلوَ الشرابِ
ومن أخذَ العلومَ بغيرِ خُلقٍ فقدْ وجدَ الجمالَ بغيرِ سابي
وما معنى الخضابُ وأنتَ تدري بأنَّ العيبَ من تحتِ الخضابِ
إذا الأخلاقُ بعدَ العلمِ ساءتْ فكلُّ الجهلِ في فصلٍ وبابِ
ولولا العلمُ لم تسكنْ نفوسٌ على غيِّ الحياةِ إلىالصوابِ
ولولا الدينُ كانتْ كلُّ نفسٍ كمثلِ الوحشِ تسكنُ للوثابِ
رأيتُ الدينَ والأرواحَ فينا كما صحبَ الغريبُ أخا اغترابِ
فلا روحٌ بلا دينٍ ومن ذا رأى راحاً تُصَبُّ بلا حبابِ
ليجحدْ من يشاءُ فربَّ قشرٍ يكونُ وراءهُ عجبُ اللبابِ
وللهِ المآبُ فكيف يعمى أخو الأسفارِ عن طرقِ المآبِ
وما ظماءي وفي جنبيَّ نهرٌ تدفقَ بينَ قلبي والحجابِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق