الثلاثاء، ١ مارس ٢٠١١

سلوا قلبي - أحمد شوقي



سلوا قلبي غداةَ سلا و تاب ××× لعلَّ على الجمالِ له عِتابَا 

ويُسأَلُ في الحوادثِ ذو صوابٍ ××× فهل تَركَ الجمالُ له صوابا؟َ

وكنتُ إذا سألتُ القلبَ يوما ××× تولَّى الدمعُ عن قلبي الجواباَ

ولى بين الضلوع دمٌ ولحمٌ ××× هما الواهي الذى ثَكِلَ الشباباَ




تَسَّربَ فى الدموع فقلتُ ولّى ××× وصفَّقَ فى الضلوعِ فقلت ثاباَ

ولو خُلِقَتْ قلوبٌ من حديدٍ ××× لما حَمَلَتْ كما حَمَلَ العذاباَ

وأحبابٍ سُقيتُ بهم سُلافاً ××× وكانَ الوصلُ من قِصَرٍحَبَاَبا

ونادَمْنَا الشبابَ على بساطٍ ××× من اللذاتِ مختلفٍ شرابا




وكلُّ بِساطِ عيشٍ سوف يُطوى ××× وإن طالَ الزمانُ به وطابا

كأنَّ القلبَ بعدهُم غريبٌ ××× إذا عادته ذكرى الأهلِ ذابا

ولا يُنبيكَ عن خُلُقِ الليالى ××× كمن فقَدَ الأحبة و الصَّحابا

أخا الدنيا،أرى دنياكَ أفعى ××× تُبدَّل كلَّ آونةٍ إهابا




وأن الرُّقط أيقظُ هاجعاتٍ ××× وأترع في ظلالِ السَّلم نابا

ومن عَجَبٍ تُشَّيبُ عاشِقِيها ××× وتُفنيهِم وما بَرِحَتْ كَعضابا

فمن يغترُّ بالدنيا فإِنى ××× لبِسْتُ بها فأبليتُ الثياباَ

لها ضَحكُ القيان الى غبيٍّ ××× ولي ضحكُ اللبيب إِذا تغابا




جَنَيْتُ بروضِها ورداً وشوكاً ××× وذقتُ بكأْسِها شُهْداً وصَابا

فلم أرَ غيرَ حكمِ الله حكماً ××× ولم أر دون باب الله بابَا

ولا عظَّمْتُ في الأَشياء إلا ××× صحيحَ العلم،والأدبَ اللُّبابا

ولا كرَّمتُ إلا وجهَ حرٍ ××× يقلَّد قومَهُ المنَنَ الرَّغَابا




ولم أرَ مثلَ جمعِ المالِ داءً ××× ولا مثلَ البخيلِ به مُصَابا

فلا تقتلْكَ شهوتُه، وزِنْها ××× كما تزنُ الطعامَ أو الشرابا

وخذ لبنيك والآيام ذخراً ××× وأعط اللهَ حِصَّتَه احتسابا

فلو طالعتَ أحداث الليالي ××× وجدتَ الفقرَ أقرَبَها انتِيابا




وأن البر َّخيرٌ فى حياةٍ ××× وأبقى بعد صاحبه ثـوابا

وأن الشرَّ يصدعُ فاعليهِ ××× ولم أر خيَّراً بالشر آبا

فرفقاً بالبنين إذا الليالي ××× على الأعقاب أوقعتِ العِقابا

ولم يتقلَّدوا شكرَ اليتامى ××× ولا ادَّرعوا الدعاء المستجابا




عجبت لمعشر صلوا وصاموا ××× ظواهر خشيةٍ وتقىً كذابا

وتلفيهم حيال المال صمَّاً ××× إذا داعى الزكاة بهم اهابا

لقد كتموا نصيب الله منه ××× كأن الله لم يحص النصابا

ومن يعدل بحبَّ الله شيئاً ××× كحب المال ضلَّ هوىً وخابا




أراد الله بالفقراء براً ××× وبالأيتام حبَّاً وارتبابا

فربَّ صغير قوم علَّموه ××× سما وحمى المسوَّمة العرابا

وكان لقومه نفعاً وفخراً ××× ولو تركوه كان أذًى وعابا

فعلَّم ما استطعت،لعل جيلاً ××× سيأتي يحدث العجب العجابا




ولا ترهق شباب الحيّ يأساً ××× فإن اليأس يخترم الشبابا

يريد الخالق الرزق اشتراكا ××× وان يك خصَّ أقواماً وحابا

فما حرم المجدَّ جنى يديه ××× ولا نسىَ الشقىَّ ولا المصابا

ولا البخل لم يهلك فريق ××× على الأقدار تلقاهم غضابا




تعبت بأهله لوماً، وقبلي ××× دعاة البر قد سئموا الخطابا

ولو أني خطبت على جماد ××× فجرت به الينابيع العذابا

ألم تر للهواء جرى فأفضى ××× الى الأكواخ واخترق القبابا

وأن الشمس في الآفاق تغشى ××× حمى كسرى كما تغشى اليبابا




وأن الماء تروي الأسد منه ××× ويشفي من تلعلعها الكلابا

وسرَّى الله بينكم المنايا ××× ووسدكم مع الرسل الترابا

وأرسل عائلاً منكم يتيماً ××× دنا من ذي الجلال فكان قابا

نبى البر بيّنه سبيلا ××× وسن خلاله وهدى الشعاباَ




تفرَّق بعد عيسى الناس فيه ××× فلما جاء كان اهم متابا

وشافي النفس من نزعات شرٍ ××× كشافٍ من طبائعها الذئابا

وكان بيانه فى الهدى سبلا ××× وكانت خيله للحق غابَا

وعلمنا بناء المجد حتى ××× أخذنا إمرة الأرض اغتصاباَ




وما نيل المطالب بالتمنى ××× ولكن تؤخذ الدنيا غلابَا

وما استعصى على قوم منال ××× إذا الإقدام كان لهم ركابَا

تجلى مولد الهادي وعمت ××× بشائره البوادي والقصابا

وأسدت للبرية بنت وهبٍ ××× يداً بيضاء طوقت الرقابا




لقد وضعته وهَّجاً منيراً كما ××× تلد السماوات الشَّهابا

فقام على سماء البيت نوراً ××× يضيءُ جبال مكة والنَّقابا

وضاعت يثرب الفيحاء مسكاً ××× وفاح القاع أرجاءً وطابا

أبا الزهراء قد جاوزت قدرى ××× بمدحك بيد أن لى انتساباَ




فما عرف البلاغة ذو بيان ××× اذا لم يتخذك له كتابَا

مدحت المالكين فزدت قدراً ××× وحين مدحتك اجتزت السحابَا

سألت الله فى ابناء دينى ××× اذا ما الصبر مستهموا ونابَا

وما للمسلمين سواك حصن ××× فإن تكن الوسيلة لى أجابا




كأن النحس حين جرى عليهم ××× أطار بكل مملكة غرابا

ولو حفظوا سبيلك كان نوراً ××× وكان من النُّحوس لهم حجابا

بنيت لهم من الأخلاق ركناً ××× فخانوا الركن فانهدم اضطرابا

وكان جنابهم فيها مهيباً ××× وللأخلاق أجدر أن تهابا




فلولاها لساوى الليث ذئباً ××× وساوى الصارم الماضي قرابا

فإن قرنت مكارمهم بعلم ××× تذلَّلت العلا بهما صعابا

وفي هذا الزمان مسيح علمٍ ××× يردُّ على بني الأمم الشبابا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق