السبت، ١٢ مارس ٢٠١١

الفضــــــــــــــــــيلة - بول وفرجيني - المنفلوطي



يا بني القـفرِ سـلامٌ عـاطـــــــرٌ من بني الدنيا عليكُـم وثـنــــاءْ 


وسقى العَــارِضُ مـن أكواخكُـمْ معهدَ الصدقِ ومهدَ الأ تـــقياءْ


كـنتُـمُ خيرَ بني الـدنيـا ومَـــــنْ سعدوا فيــهـا ومـاتـوا سُـعداءْ


عـشتُـمُ من فقرِكُـمْ في غبطـــةٍ ومن القلّــةِ فـي عيشٍ رخـــاءْ



لا خـصـامٌ, لا مــراءٌ بـينـكُــــمْ لا خــداعٌ , لا نفــاقٌ, لا ريــاءْ


خُـلُـقٌ بــرٌّ وقـلـبٌ طـــاهـــــــرٌ مثلُ كأسِ الحـرّ معنىً وصـفاءْ


ووفـــاءٌ ثَـبـُـتَ الحُـبّ بـــــــــه وثباتُ الحبّ في الناسِ الوفاءْ



أصـبحـَتْ قــصّتــكــم مـعتـبــرا ً فـي البَـرَايــا وعـزاءَ البـؤساءْ


يـجتـلي النـاظـرُ فـيها حكــمـتة لـم يسطـّرْهَـا يــراعُ الحُـكَـماءْ


حــِكــَمٌ لـم تـقرأوا فـي كُـتْـبـِهَا غيرَ أنْ طالعتُمُ صُحْفَ القَضَاءْ


وكتــابُ الكـونِ فـيه صُـحُـــفٌ يـقــرأُ الـحكـمةَ فـيهـا العـقـلاءْ

*********************


إنّ عـــيـشَ المرءِ في وحدتـِهِ خـيرُ عيشٍ كــافلٍ خيــرَ هنــاءْ


فـــالــوَرَى شــرٌّ وهـــمٌّ دائــمٌ وشـقـاءٌ ليـسَ يـحكـيه شــقــاءْ


وفــــقيــرٌ لــِغَــنيٍّ حـــاســـــد ٌ وغــنــيٌّ يــستــذلُّ الـفُـقَـــــراءْ





وقـــويٌ لِـضعــيـــفٍ ظـالــم ٌ وضـعـيــفٌ مـن قويٍّ في عَنَاءْ


في فضاءِ الأرضِ منأىً عنهُمُ ونجـاءٌ مـنـهُـمُ أيُّ نَــــجــــــاءْ


إنّ عـيـشَ الـمرءِ فـيهـم ذلــّة وحياةُ الــذّلِ والــمــوتُ سـواءْ



*********************



ليت "فرجيني" أطاعتْ بولا ً وأنَـالَــتْــهُ مُـنَـــــاهُ في البَــقـَاءْ


وَرَثـَتْ للأدمع اللاّ تـي جَـرَتْ من عيونٍ ما دَرتْ كيف البكـاءْ



لـم يـكــنْ مــن رأيـِهـا فـُرْقَــتـُهُ سـاعــةً لـكـنّـه رأيُ الــقـضــاءْ


فــارقَـتـْهُ لـم تـكـنْ عـالــمـــــةً إنّ يـومَ الملـتـقى يــومُ اللــقــاءْ


ما "لفرجيني" و "باريس"أَمَا كانَ في القفرِ عن الدنيا غَنَـــاءْ



إنّ هـذا الـمالَ كـأسٌ مُـــزِجَــتْ قـطـرةُ الصـهـبـاءِ فـيـه بـدمَـاءْ


لا ينـالُ الـمـرءُ مــنـه جـرعـةً لــم يـكـنْ فـي طـيّـها داءٌ عَـيَاءْ


عـرضوا المجـدَ عـليـهــا باهراً يــدهـشُ الألـبابَ حسنــاً ورواءْ



وأرَوْهَــا زخــرفَ الـدنـيـا وَمَـا راقَ فـيـهـا مــن نعــيمٍ وثـــراءْ


فـأبَـتْــه وأبـــى الحـبُّ لــــهـــا نَــقْـضَ ما أبرَمَه عـهدُ الإخـاءْ


ودعــــاها الشوقُ للقَـفْـرِ ومــا ضَـمّ مـن خـيــرٍ إلــيـه وهـنَــاءْ



فـغـَدَتْ أهـواؤُهَــا طـــائــــــرةً بجـناحِ الشـوقِ يزجـيها الرجاءْ


يَـأْمُـلُ الإنـسـانُ مـا يأمُـلُـــــــهُ وقـضــاءُ الله فـي الكــونِ وراءْ



***********************



مــا لـهذا الجـوِّ أمسى قاتــمــا ينـذرُ النـاسَ بــــــويــلٍ وبـــلاءْ


مــا لهذا البحرِ أضحى مـائــجاً كَـبِــنـاءٍ شـــامـخٍ فــوقَ بـنـــاءْ

وكـأنّ الفـُـلْـكِ فـي أمـواجِـــــهِ ريـــشـةٌ تحمِـلُـهـا كــفُّ الهـواءْ


و " لفرجيني" يــدٌ مـبسـوطةٌ بــدعـاءٍ حيـنَ لا يُـجْـدي دُعـــاءْ


لهـفي والـمـاءُ يطفـُو فـوقــــهُ هـيـكـلُ الحسنِ وتمثالُ الضيــاءْ


زهرةٌ في الروضِ كانتْ غضّةً تـمـلأُ الـدنـيـا جـمـالاً وبَــهــــاءْ



مـن يـراهـا لا يـراهـا خُـلِـقـتْ مثلَ خَلْقِ الناسِ من طينٍ وماءْ


ظـنّـتِ البحـرَ ســـمــاءً فَهَوَتْ لتـبـارِي فـيـه أمـلاكَ السـمــــاءْ


هــكـذا الـدنـيـا وهـذا منـتـهَى كـلِّ حـيٍّ مـا لـحـيٍّ , مـِنْ بـقـاءْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق